كتب سايمون ماكدونالد أن الاعتراف البريطاني المحتمل بدولة فلسطين، رغم كونه رمزياً، لا يخلو من أهمية في ظل تفاقم المأساة الإنسانية في غزة وتعثر مسار حل الدولتين.
تشير صحيفة الجارديان إلى أن تصريحات بريطانيا وفرنسا الأخيرة حول الاعتراف بفلسطين تمثل إيماءة سياسية مفهومة، لكنها لا تغير الواقع القائم. إذ لا وجود حقيقي لدولة فلسطينية يمكن الاعتراف بها الآن، ولن يتغير ذلك بحلول سبتمبر، رغم رغبة كيير ستارمر وإيمانويل ماكرون في دفع عجلة الحل.
تعود جذور الاعتراف بالدول إلى اتفاقية مونتيفيديو عام 1933، والتي وضعت ثلاثة معايير أساسية: وجود شعب دائم، أرض ذات حدود محددة تحت السيطرة، وسلطة حاكمة واحدة. الفلسطينيون يلبّون أول شرط بوضوح منذ سبعينيات القرن الماضي، وهذا ما دفع 78 دولة للاعتراف بفلسطين بعد إعلان الاستقلال عام 1988. إلا أن السيطرة على الأرض غائبة، والانقسام السياسي قائم بين الضفة وغزة، حيث تخضع الأولى لسلطة فتح والثانية لحركة حماس.
ورغم اعتراف 147 دولة، بينها الصين وروسيا، بدولة فلسطين، لم ينعكس ذلك إيجاباً على حياة الفلسطينيين. الاعترافات السابقة لم تُحدث تحولًا ملموسًا، وإسرائيل لم تُبدِ سوى الازدراء، بينما لم تغيّر الولايات المتحدة موقفها. بريطانيا وفرنسا، حتى لو مضتا في الاعتراف، لن تتمكنا من فرض عقوبات فعالة على إسرائيل، لالتزامهما بحقها في الدفاع عن النفس، ورفضهما لحماس المصنفة كتنظيم إرهابي.
بل وقد يسهم الاعتراف في مفاقمة الوضع. فنتنياهو، الرافض لحل الدولتين، قد يصعد عسكرياً لتأكيد هيمنته، بينما قد ترى حماس الاعتراف فرصة لتقويض السلطة في رام الله. في هذا السياق، يبدو الاعتراف بحد ذاته دون أثر عملي، لكنه يعكس استجابة لضغط شعبي متزايد.
الرأي العام الأوروبي بدأ يعبّر عن رفضه للممارسات الإسرائيلية في غزة، التي ترقى إلى العقاب الجماعي، وفق الكاتب. إذ تحمّل إسرائيل سكان غزة ثمن رفض حماس إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، في ظل ظروف مجاعة متفاقمة. وبما أن إسرائيل لن تنفّذ الشروط التي وضعها ستارمر لتجنّب الاعتراف، فخيار بريطانيا سيكون بين المضي قدمًا أو التراجع الذي سيبدو ضعيفًا.
الحل؟ الاعتراف الواقعي. أي أن تُقر الحكومة البريطانية برمزية الخطوة، وتتجنب المبالغة الخطابية، مع التأكيد على المبادئ: حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام الدائم. فإسرائيل نفسها نالت الاعتراف رغم عدم استيفائها كل معايير الدولة عند التأسيس، ومن المهم عدم الوقوع في فخ ازدواجية المعايير.
فلسطين، عندما تُولد كدولة كاملة، قد لا تشبه باقي دول العالم من حيث السيطرة أو التسلح. لكنها ستكون ضرورية لكرامة شعبها ومستقبله. في ظل كارثة غزة بعد انهيار الهدنة في مارس، يُعد الاعتراف – وإن كان رمزيًا – محاولة لإبقاء أمل الحل قائمًا. أحيانًا، الرمزية هي كل ما يمكن فعله، لكنها لا تخلُ من مغزى.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/aug/03/britain-palestine-recognition-two-state-solution-keir-starmer